أنس بن مالك - رضي الله عنه - كان يبكي بكاءاً مراً كلما تذكر فتح
"تُسْتر"... و"تُسْتر" مدينة فارسية حصينة، حاصرها المسلمون سنة ونصفاً
بالكامل، ثم سقطت المدينة في أيديالمسلمين، وتحقق لهم فتح مبين... وهو من
أصعب الفتوح التي خاضها المسلمون... فإذا كان الوضع بهذه الصورة الجميلة
المشرقة فلماذا يبكي أنس بن مالك رضي الله عنه عندما يتذكر موقعة تُسْتر ؟!
لقد فتح باب حصن تستر قبيل ساعات الفجر بقليل، وانهمرت الجيوش الإسلامية
داخل الحصن، ودار لقاء رهيب بين ثلاثين ألف مسلم، ومائة وخمسين ألف فارسي،
وكان قتالاً في منتهى الضراوة... وكانت كل لحظة في هذا القتال تحمل الموت،
وتحمل الخطر على الجيش المسلم.. موقف في منتهى الصعوبة.. و أزمة من أخطر
الأزمات!.. ولكن في النهاية – بفضل الله – كتب الله النصر للمؤمنين..
وانتصروا على عدوهم انتصاراً باهراً، وكان هذا الانتصار بعد لحظات من شروق
الشمس ! واكتشف المسلمون أن صلاة الصبح قد ضاعت في ذلك اليوم الرهيب! لم
يستطع المسلمون في هذا الأزمة الطاحنة والسيوف على رقابهم أن يصلوا الصبح
في ميعاده! ويبكي أنس بن مالك رضي الله عنه لضياع صلاة الصبح مرة واحدة في
حياته.. يبكي وهو معذور، وجيش المسلمين معذور، وجيش المسلمين مشغول بذروة
سنام الإسلام.. مشغول بالجهاد.. لكن الذي ضاع شيء عظيم! يقول أنس بن مالك
رضي الله عنه: وما تُسْتر؟! لقد ضاعت مني صلاة الصبح، وما وددت أنّ لي
الدنيا جميعاً بهذه الصلاة ! هنا نفهم لماذا كان يُنصر هؤلاء! "إن تنصروا
الله ينصركم" (محمّد:7) إذا كانت هذه أحد أسباب النصر، فخبرني بالله عليك
كيف ينصر الله عز وجل قوماً فرطوا في صلاة الصبح ؟! هذا - والله - لا
يكون.. أما إن كان الجيش على شاكلة أنس بن مالك رضي الله عنه.. يحاسب نفسه
على الصلاة الواحدة .. فهو ولا شك جيش منصور .. "و لينصرن الله من ينصره إن
الله لقوي عزيز" (الحج: 40) فلنحافظ على الصلوات الخمس و قراءة ا لقرآن و
نغتنم شهر رمضان المبارك في الذكر و ا لطاعات . اللهم أعنا على ذكرك و شكرك
و حسن عبادتك و أعز الاسلام و المسلمين و وفقنا إلى طاعت و رضوانك و جنتك
يارب العالمين